الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **
وبينما المظفر في دلك ورد عليه الحبر من الأفرم بخروج الملك الناصر من الكرك فقلق المظفر من ذلك وزاد توهمه ونفرت قلوب جماعة من الأمراء والمماليك منه وخشوا على أنفسهم واجتمع كثير من المنصورية والأشرفية والأويراتية وتواعدوا على الحرب وخرج منهم مائة وعشرون فارسًا بالسلاح وساروا على حمية إلى الملك الناصر فخرج في أثرهم الأمير بينجار والصارم الجرمكي بمن معهم وقاتلوا المماليك وجرح الجرمكي بسيف في خده سقط منه إلى الأرض ومضى المماليك إلى الكرك ولم يستجرىء أحد أن يتعرض إليهم فعظم بذلك الخطب على الملك المظفر وآجتمع عنده البرجية وقالوا: هذا الفساد كله من الأمير سلار ومتى لم تقبض عليه خرج الأمر من يدك فلم يوافق على ذلك وجبن من القبض على سلار لشوكته ولاضطراب دولته ثم طلب الملك المظفر الأمير سلار وغيره من الأمراء واستشارهم في أمر الملك الناصر فاتفق الرأي على خروج تجريدة لقتال الملك الناصر. وأما الملك الناصر فإنه أرسل الأمير أيتمش المحمدي الناصري إلى الأمير قبجق نائب حماة فأحال الأمير قبجق الأمر على الأمير قراسنقر نائب حلب فاجتمع أيتمش بقرا سنقر فأكرمه ووافق على القيام مع الملك الناصر ودخل في طاعته وأعلن بذلك وهو أكبر المماليك المنصورية وواعد الملك الناصر على المسير إلى دمشق في أول شعبان. ثم كتب قرا سنقر إلى الأفرم نائب الشام يحثه على طاعة الملك الناصر ويرغبه في ذلك ويحذره مخالفته وأشار قرا سنقر على الملك الناصر أنه يكاتب الأمير بكتمر الجوكندار نائب صفد والأمير كراي المنصوري نائب القدس. ثم عاد أيتمش إلى أستاذه الملك الناصر وأخبره بكل ما وقع فسر الملك الناصر بذلك هو وكل من عنده غاية السرور وتحقق كل أحد من حواشي الملك الناصر بإتمام أمره. وكان نوغيه منذ قدم على الملك الناصر بالكرك لا يبرح يحرضه على المسير إلى دمشق حتى إنه ثفل على الملك الناصر من مخاشنته في المخاطب بسبب توجهه إلى دمشق وغضب منه وقال له: " ليس لي بك حاجة ارجع حيث جئت " فترك نوغاي الخدمة وانقطع وحقد له الملك الناصر ذلك حتى قتله بعد عوده إلى الملك بمدة حسب ما يأتي ذكره من كثرة ما وبخه نوغيه المذكور وأسمعه من الكلام الخشن. ولما قدم أيتمش بالأجوبة على الملك الناصر قوي عزم الملك الناصر على الحركة ثم إن الملك الناصر أيضًا أرسل مملوكه أيتمش المحمدي المذكور إلى الأمير بكتمر الجوكندار نائب صفد حسب ما أشار به قرا سنقر فسار أيتمش إليه واجتمع بالأمير محمد بن بكتمر الجوكندار فجمع محمد المذكور بين أيتمش وبين أبيه ليلًا في مقابر صفد فعتبه أيتمش على رده أولًا قاصد السلطان الملك الناصر فآعتذر له بكتمر بالخوف من بيبرس وسلار كما كان وقع له مع الناصر أولًا بالديار المصرية حين آتفقا على قبض بيبرس وسلار ولم يتم لهم ذلك وأخرج بكتمر بسبب ذلك من الديار المصرية وقد تقدم ذكر ذلك كله. انتهى. ثم قال له بكتمر: ولولا ثقتي بك ما اجتمعت عليك فلما عرفه أيتمش طاعة الأمير قرا سنقر والأمير قبجق والأمير أسندمر أجاب بالسمع والطاعة وأنه على ميعاد النواب إلى المضي إلى الشام وعاد أيتمش إلى الملك الناصر بجواب بكتمر فسر به غاية السرور. وأما السلطان الملك المظفر بيبرس هذا فإنه أخذ في تجهيز العساكر إلى قتال الملك الناصر محمد حتى تم أمرهم وخرجوا من الديار المصرية في يوم السبت تاسع شهر رجب وعليهم خمسة أمراء من مقدمي الألوف وهم: الأمير برلغي الأشرفي والأمير جمال الدين آقوش الأشرفي نائب الكرك كان والأمير عز الدين أيبك البغدادي والأمير سيف الدين طغريل الإيغاني والأمير سيف الدين ألدكز السلاح دار ومعهم نحو ثلاثين أميرًا من أمراء الطبلخاناه بعد ما أنفق فيهم الملك المظفر: فأعطى برلغي عشرة آلاف دينار وأعطى لكل مقدم الذي دينار ولكل من الطبلخاناه ألف دينار ولكل واحد من مقدمي الحلقة ألف درهم ولكل واحد من أجناد الحلقة خمسمائة درهم. ونزلوا بمسجد التبن خارج القاهرة ولم يتقدموا ثم عادوا بعد أربعة أيام إلى القاهرة. وكان الباعث على عودهم أن كتب آقوش الأفرم نائب الشام وردت على الملك المظفر تتضمن وصول الملك الناصر إلى البرج الأبيض ثم عاد إلى الكرك فآطمأن الملك المظفر وأرسل إلى برلغي ومن معه من المجردين بالعود فعادوا بعد أربعة أيام. فلم يكن إلا أيام وورد الخبر ثانيًا بمسير الملك الناصر محمد من الكرك إلى نحو دمشق فتجهز العسكر المذكور في أربعة آلاف فارس وخرجوا من القاهرة في العشرين من شعبان إلى العباسة. فورد البريد من دمشق بقدوم أيتمش المحمدي من قبل الملك الناصر بمشافهة إلى الأفرم ذكرها للمظفر. ثم إن الأفرم بعد قدوم أيتمش بعث الأمير علاء الدين أيدغدي شقير الحسامي والأمير جوبان لكشف خبر الملك الناصر وأنهما توجها من الشام إلى جهة الكرك فوجدا الملك الناصر يتصيد وأنه عوق أيتمش عنده فسر المظفر بذلك. وكان الأمر بخلاف ذلك وهو أن أمرهما: أنه لما سيرهما الأفرم لكشف خبر الملك الناصر قدما على الملك الناصر ودخلا تحت طاعته وعرفاه أنهما جاءا لكشف خبره وحلفا له على القيام بنصرته سرًا وعادا إلى الأفرم بالجواب المذكور. وكان الناصر هو الذي أمرهما بهذا القول فظن الأفرم أن أخبارهما على الصدق فكتب به إلى المظفر. ثم إن الأفرم خاف أن يطرق الملك الناصر دمشق على غفلة فجرد إليه ثمانية أمراء من أمراء دمشق وهم: الأمير سيف الدين قطلوبك المنصوري والأمير سيف الدين الحماج بهادر الحلبي الحاجب والأمير جوبان والأمير كجكن والأمير علم الدين سنجر الجاولي وغيرهم ليقيموا على الطرقات لحفظها على من يخرج من الشام وغيره إلى الملك الناصر. وكتب إلى الملك المظفر يستحثه على إخراج عساكر مصر لتجتمع عنده مع عساكر دمشق على قتال الملك الناصر وأنه قد جدد اليمين للمظفر وحلف أمراء دمشق ألا يخونوه ولا ينصروا الملك الناصر. فلما قرأ المظفر كتاب الأفرم اضطرب وزاد قلقه. ثم ورد عليه كتاب الأمير برلغي من العباسة بأن مماليك الأمير آقوش الرومي تجمعوا عليه وقتلوه وساروا ومعهم خزائنه إلى الملك الناصر وأنه لحق بهم بعض أمراء الطبلخاناه في جماعة من مماليك الأمراء وقد فسد الحال والرأي أن يخرج السلطان بنفسه. فلما سمع الملك المظفر ذلك أخرج تجريدة أخرى فيها عدة أمراء أكابر وهم: الأمير بجاس وبكتوت وكثير من البرجية ثم بعث إلى برلغي بألفي دينار ووعده بأنه عازم على التوجه إليه بنفسه. فلما ورد كتاب الملك المظفر بذلك وبقدوم التجريدة إليه عزم على الرحيل إلى جهة الكرك فلما كان الليل رحل كثير ممن كان معه يريدون الملك الناصر فثنى عزمه عن الرحيل ثانيًا وكتب إلى المظفر يقول بأن نصف العسكر سار إلى الملك الناصر وخرج عن طاعة الملك المظفر ثم حرض الملك المظفر على الخروج بنفسه. وقبل أن يطلع الفجر من اليوم المذكور وصل إلى القاهرة الأمير بهادرجك بكتاب الأمير برلغي المذكور وطلع إلى السلطان فلما قضى الملك المظفر صلاة الصبح تقدم إليه بهادرجك وعرفه بوصول أكثر العسكر إلى الملك الناصر وناوله الكتاب فلما قرأه بيبرس تبسم وقال: " سلم على الأمير برلغي وقل له: لا تخش من شيء فإن الخليفة أمير المؤمنين قد عقد لنا بيعة ثانية وجدد لنا عهدًا وقد قرىء على المنابر وجددنا اليمين على الأمراء وما بقي أحد يجسر أن يخالف ما كتب به أمير المؤمنين! " ثم دفع إليه العهد الخليفتي وقال: لا امض به إليه حتى يقرأه على الأمراء والجند ثم يرسله إلي فإذا فرغ من قراءته يرحل بالعساكر إلى الشام " وجهز له بألفي دينار أخرى وكتب جوابه بنظير المشافهة فعاد بهادر جك إلى برلغي فلما قرأ عليه الكتاب وآنتهى إلى قوله: " وأن أمير المؤمنين ولاني تولية جديدة وكتب لي عهدًا وجدد لي بيعة ثانية " وفتح العهد فإذا أوله: " وكان سبب تجديد العهد للملك المظفر هذا أن الأفرم نائب الشام لما ورد كتابه على المظفر أنه حلف الأمراء بدمشق ثانيًا وبعث بالشيخ صدر الدين محمد ابن عمر بن مكي بن عبد الصمد الشهير بابن المرحل إلى الملك المظفر في الرسلية صار صدر الدين يجتمع به هو وآبن عدلان وصار الملك المظفر يشغل وقته بهما فأشارا عليه بتجديد العهد والبيعة وتحليف الأمراء وأن ذلك يثبت به قواعد ملكه ففعل الملك المظفر ذلك وحلف الأمراء بحضور الخليفة وكتب له عهد جديد عن الخليفة أبي الربيع سليمان العباسي. . . ونسخة العهد: " " وبلغني أن الملك الناصر آبن السلطان الملك المنصور شق العصا على المسلمين وفرق كلمتهم وشتت شملهم وأطمع عدوهم فيهم وعرض البلاد الشامية والمصرية إلى سبي الحريم والأولاد وسفك الدماء فتلك دماء قد صانها الله تعالى من ذلك. وأنا خارج إليه ومحاربه أن آستمر على ذلك وأدافع عن حريم المسلمين وأنفسهم وأولادهم لهذا الأمر العظيم وأقاتله حتى يفيء إلى أمر الله تعالى وقد أوجبت عليكم يا معاشر المسلمين كافة الخروج تحت لوائي اللواء الشريف فقد أجمعت الحكام على وجوب دفعه وقتاله إن آستمر على ذلك وأنا مستصحب معي الملك المظفر فجهزوا أرواحكم والسلام ". وقرىء هذا العهد على منابر الجوامع بالقاهرة فلما بلغ القارىء إلى ذكر الملك الناصر صاحت العوام: نصره الله نصره الله! وكررت ذلك. وقرأ فلما وصل إلى ذكر الملك المظفر صاحوا: لا ما نريده ووقع في القاهرة ضجة وحركة بسبب ذلك. انتهى. ثم قدم على الملك المظفر من الشام على البريد الأمير بهادر آص يحث الملك المظفر على الخروج إلى الشام بنفسه فإن النواب قد مالوا كلهم إلى الملك الناصر فأجاب أنه لا يخرج واحتج بكراهيته للفتنة وسفك الدماء وأن الخليفة قد كتب بولايته وعزل الملك الناصر فإن قبلوا وإلا ترك الملك. ثم قدم أيضًا الأمير بلاط بكتاب الأمير برلغي وفيه أن جميع من خرج معه من أمراء الطبلخاناه لحقوا بالملك الناصر وتبعهم خلق كثير ولم يتأخر غير برلغي وآقوش نائب الكرك وأيبك البغدادي وألدكز والفتاح وذلك لأنهم خواص الملك المظفر. وأما الملك الناصر فإنه سار من الكرك بمن معه في أول شعبان يريد دمشق بعد أمور وقعت له نذكرها في أوائل ترجمته الثالثة. فلما سار دخل في طاعته الأمير قطلوبك المنصوري والحاج بهادر وبكتمر الحسامي حاجب حجاب دمشق وعلم الدين سنجر الجاولي. وصار الملك الناصر يتأنى في مسيره من غير سرعة حتى يتبين ما عند أمراء دمشق الذين أخرجهم الأفرم لحفظ الطرقات قبل ذلك فكتبوا أمراء دمشق المذكورون إلى الأفرم أنه لا سبيل لهم إلى محاربة الملك الناصر وأرادوا بذلك إما أن يخرج بنفسه فيقبضوه أو يسير عن دمشق إلى جهة أخرى فيأتيهم بقية الجيش وكان كذلك. فإنه لما قدم كتابهم عليه بدمشق شاع بين الناس مجيء الملك الناصر من الكرك فثارت العوام وصاحوا: " نصر الله الملك الناصر! " وتسلل عسكره من دمشق طائفة بعد طائفة إلى الملك الناصر وانفرط الأمر من الأفرم. وآتفق الأمير بيبرس العلائي والأمير بيبرس المجنون بمن معهما على الوثوب على الأفرم والقبض عليه فلم يثبت عندما بلغه ذلك واستدعى علاء الدين علي بن صبيح وكان من خواصه وخرج ليلًا وتوجه إلى جهة الشقيف فركب قطلوبك والحاج بهادر عندما سمعا خبر الأفرم وتوجها إلى الملك الناصر وكانا كاتباه بالدخول في طاعته قبل ذلك فسر بهما وأنعم على كل واحد منهما بعشرة آلاف درهم وقدم على الناصر أيضًا الجاولي وجوبان وسائر من كان معهم فسار بهم الملك الناصر حتى نزل الكسوة وخرج إليه بقية الأمراء والأجناد. وقد عمل له سائر شعار السلطنة من السناجق وسار يوم الثلاثاء ثاني عشر شعبان يريد مدينة دمشق فدخلها من غير مدافع بعدما زينت له زينة عظيمة وخرج جميع الناس إلى لقائه على اختلاف طبقاتهم حتى صغار الكتاب وبلغ كراء البيت من البيوت التي بميدان الحصى إلى قلعة دمشق للتفرج على السلطان من خمسمائة درهم إلى مائة درهم وفرشت الأرض بشقاق الحرير الملونة وحمل الأمير قطلوبك المنصوري الغاشية وحمل الأمير الحاج بهادر الجتر وترجل الأمراء والعساكر بأجمعهم ومشوا بين يديه حتى نزل بالقصر الأبلق. وفي وقت نزوله قدم مملوك الأمير قرا سنقر نائب حلب لكشف الخبر وأن قراسنقر خرج من حلب وقبجق خرج من حماة فخلع عليه وكتب لهما بسرعة الحضور إليه. ثم كتب إلى الأفرم أمانًا وتوجه به علم الدين سنجر الجاولي فلم يثق بذلك لما كان وقع منه في حق الناصر لما قدم عليه تنكز وطلب يمين السلطان فحلف السلطان له وبعث إليه نسخة الحلف. وكان قبل ذلك بعث الملك الناصر خازنداره وتنكز مملوكه إلى الأفرم هذا صحبة عثمان الركاب يستدعيه إلى طاعته بكل ما يمكن ثم أمره الملك الناصر إن لم يطع يخشن له في القول وكذلك كتب في المطالعة التي على يد تنكز: " أولها وعد وآخرها وعيد ". فلما قرأ الأفرم الكتاب المذكور آسود وجهه من الغضب ثم آلتفت إلى تنكز وقال: " أنت وأمثالك الذين حمقوا هذا الصبي حتى كتب لي هذا الكتاب ويلك! من هو الذي وافقه من أمراء دمشق على ذلك " وكان الناصر قد كتب له في جملة الكلام أن غالب أمراء البلاد الشامية أطاعوني وكان الأفرم لما حضر إليه تنكز قبل أن يقرأ الكتاب جمع أمراء دمشق ثم قرأ الكتاب فلما وصل إلى ذلك قال الأفرم: " قل لي من هو الذي أطاعه حتى أقبض عليه وأرسله إلى مصر " فنظر أمراء دمشق بعضهم إلى بعض وأمعن الأفرم في الكلام فقام الأمير بيبرس المجنون وقال: " ما هذا الكلام مصلحة تجاوب آبن استاذك بهذا الجواب! ولكن لاطفه وقل له: أنت تعلم أننا متبعون مصر وما يبرز منها فإن أردت الملك فاطلبه من مصر ولا تبتلش بنا وارجع عنا " وذكر له أشياء من هذا النمط فقال الأفرم: لا أنا ما أقول هذا الكلام وليس له عندي إلا السيف إن جاءنا! " ثم طلب الأفرم تنكز في خلوة وقال له: " سر إلى أستاذك وقل له: " ارجع وإلا يسمع الملك المظفر فيمسكك ويحبسك فتبقى تتمنى أن تشبع الخبز! ولا ينفعك حينئذ أحد فإن كان لك رأي فاقبض على نوغيه ومن معه وسيرهم للملك المظفر فإن فعلت ذلك يصلح حالك ولا تفعل غير هذا تهلك ". وكتب له كتابًا بمعنى هذا ودفعه إلى تنكز فلم يخرج تنكز من دمشق إلى أثناء الطريق. حتى خرج في أثره جماعة من أمراء دمشق إلى طاعة الناصر. وكان كلام الأفرم لتنكز أكبر الأسباب لخروج الملك الناصر من الكرك إلى دمشق فلما قدم الناصر دمشق وكتب الأمان للأفرم فتخوف الأفرم مما كان وقع منه من القول لما قدم عليه تنكز وطلب الحلف. انتهى. وقال بيبرس في تاريخه: وأرسل السلطان إلى الأفرم رسلا بالأمان والأيمان وهما الأميران عز الدين أيدمر الزردكاش والأمير سيف الدين جوبان. وقال غيره: بعث إليه السلطان نسخة الحلف مع الأمير الحاج أرقطاي الجمدار فما زال به حتى قدم معه هو وابن صبيح فركب السلطان إلى لقائه حتى قرب منه نزل كل منهما عن فرسه فأعظم الأفرم نزول السلطان له وقبل الأرض وكان الأفرم قد لبس كاملية وشد وسطه وتوشح بنصفية يعني أنه حضر بهيئة البطالين من الأمراء وكفنه تحت إبطه وعندما شاهدته الناس على هذه الحالة صرخوا بصوت واحد: يا مولانا السلطان بتربة والدك الملك الشهيد قلاوون لا تؤذه ولا تغير عليه! فبكى سائر من حضر وبالغ السلطان في إكرامه وخلع عليه وأركبه وأقره على نيابة دمشق فكثر الدعاء له وسار إلى القصر. فلما كان من الغد أحضر الأفرم خيلًا وجمالًا وثيابًا بمائتي ألف درهم تقدمة إلى السلطان الملك الناصر. وفي يوم الجمعة ثاني عشرين شعبان خطب للملك الناصر بدمشق وانقطع منها آسم المظفر وصليت الجمعة بالميدان فكان يومًا مشهودًا. وفي ذلك اليوم قدم الأمير قرا سنقر نائب حلب والأمير قبجق نائب حماة والأمير أسندمر كرجي نائب طرابلس وتمر الساقي نائب حمص فركب السلطان إلى لقائهم وترجل إلى قرا سنقر وعانقه وشكر الأمراء وأثنى عليهم. ثم قدم الأمير كراي المنصوري نائب القدس والأمير بكتمر الجوكندار نائب صفد ثم قدم كل من الأمراء والنواب تقدمته بقدر حاله ما بين ثياب أطلس وحوائص ذهب وكلفتاة زركش وخيول مسرجة في عنق كل فرس كيس فيه ألف دينار وعليه مملوك وعدة بغال وجمال بخاتي وغير ذلك. وشرع الملك الناصر في النفقة على الأمراء والعساكر الواردة عليه مع النواب فلما آنتهت النفقة قدم بين يديه الأمير كراي المنصوري على عسكره إلى غزة فسار إليها وصار كراي يمد في كل يوم سماطًا عظيمًا للمقيمين والوارعين عليه فأنفق في ذلك أموالًا جزيلة من حاصله وآجتمع عليه بغزة عالم كثير وهو يقوم بكلفهم ويعدهم عن السلطان بما يرضيهم. وأما الملك المظفر فإنه قدم عليه الخبر في خامس عشرين شعبان باستيلاء الملك الناصر على دمشق بغير قتال فعظم ذلك على الملك المظفر وأظهر الذلة وخرجت عساكر مصر شيئًا بعد شيء تريد الملك الناصر حتى لم يبق عنده بالديار المصرية سوى خواصه من الأمراء والأجناد. وأما الأمير برلغي ومن معه من الأمراء صار عساكرهم تتسلل واحدًا بعد واحد حتى بقي برلغي في مماليكه وجماعة من خواص الملك المظفر بيبرس فتشاور برلغي مع جماعته حتى آقتضى رأيه ورأي آقوش نائب الكرك اللحاق بالملك الناصر أيضًا فلم يوافق على ذلك البرجية وعاد أيبك البغدادي وبكتوت الفتاح وقجقار ببقية البرجية إلى القاهرة وصاروا مع الملك المظفر بيبرس. وسار برلغي وآقوش إلى الملك الناصر فيمن بقي من الأمراء والعساكر فاضطربت القاهرة لذلك. وكان الملك المظفر قد أمر في مستهل شهر رمضان سبعة وعشرين أميرًا ما بين طبلخاناه وعشرات منهم من مماليكه: صديق وصنقيجي وطوغان وقرمان وإغزلو وبهادر ومن المماليك السلطانية سبعة وهم: قراجا الحسامي وطرنطاي المحمدي وبكتمر الساقي وبهادر قبجاق وأنكبار وطشتمر أخو بتخاص ولاجين وممن عداهم جركتمر بن بهادر وحسن بن الردادي ونزلوا الجميع إلى المدرسة المنصورية ليلبسوا الخلع على جاري العادة وآجتمع لهم النقباء والحجاب والعامة بالأسواق ينتظرون طلوعهم القلعة وكل منهم بقي لابس الخلعة فاتفق أن شخصًا من المنجمين كان بين يدي النائب سلار فرأى الطالع غير موافق فقال: " هذا الوقت ركوبهم غير لائق " فلم يلتفت بعضهم ولبس وركب في طلبه فآستبردوهم العوام وقالوا: " ليس له حلاوة ولا عليه طلاوة " وصار بعضهم يصيح ويقول: " يا فرحة لا تمت ". ثم أخرج الملك المظفر عدة من المماليك السلطانية إلى بلاد الصعيد وأخذ أخبازهم وظن الملك المظفر أنه ينشىء له دولة فلما بلغه مسير برلغي وآقوش نائب الكرك إلى الملك الناصر سقط في يده وعلم زوال ملكه فإن برلغي كان زوج ابنته وأحد خواصه وأعيان دولته بحيث إنه أنعم عليه في هذه الحركة بنيف وأربعين ألف دينار مصرية وقيل: سبعين ألف دينار. وظهر عليه اختلال الحال وأخذ خواصه في تعنيفه على إبقاء سلار النائب وأن جميع هذا الفساد منه وكان كذلك: فإنه لما فاتته السلطنة وقام بيبرس فيها حسده على ذلك ودبر عليه وبيبرس في غفلة عنه فإنه كان سليم الباطن لا يظن أن سلار يخونه. ثم قبض الملك المظفر ليلة الجمعة على جماعة من العوام وضربوا وشهروا لإعلانهم بسب الملك المظفر بيبرس فما زادهم ذلك إلا طغيانًا وفي كل ذلك تنسب البرجية فساد الأمور لسلار. فلما أكثر البرجية الإغراء بسلار قال لهم الملك المظفر: " إن كان في خاطركم شيء فدونكم وإياه إذا جاء سلار للخدمة وأما أنا فلا أتعرض له بسوء قط ". فاجتمعت البرجية على قبض سلار إذا حضر الخدمة في يوم الأثنين خامس عشره فبلغ سلار ذلك فتأخر عن حضور الخدمة واحترس على نفسه وأظهر أنه قد توعك فبعث الملك المظفر يسلم عليه ويستدعيه ليأخذ رأيه فاعتذر بأنه لا يطيق الحركة لعجزه عنها. فلما كان يوم الثلاثاء سادس عشر رمضان آستدعى الملك المظفر الأمراء كلهم وآستشارهم فيما يفعل فأشار الأمير بيبرس الدوادار المؤرخ والأمير بهادر آص بنزوله عن الملك والإشهاد عليه بذلك كما فعله الملك الناصر " وتسير إلى الملك الناصر بذلك وتستعطفه وتخرج إلى إطفيح بمن تثق به وتقيم هناك حتى يرد جواب الملك الناصر عليك " فأعجبه ذلك وقام ليجهز أمره وبعث بالأمير ركن الدين بيبرس الدوادار المذكور إلى الملك الناصر محمد يعرفه بما وقع. وقيل إنه كتب إلى الملك الناصر يقول مع غير بيبرس الدوادار: " والذي أعرفك به أني قد رجعت أقلدك بغيك فإن حبستني علات ذلك خلوة وإن نفيتني عددت ذلك سياحة وإن قتلتني كان ذلك لي شهادة " فلما سمع الملك الناصر ذلك عين له صهيون على ما نذكره. وأما ما كتبه المظفر على يد بيبرس الدوادار يسأله في إحدى ثلاث: إما الكرك وأعمالها أو حماة وبلادها أو صهيون ومضافاتها. ثم آضطربت أحوال المظفر وتحير وقام ودخل الخزائن وأخذ من المال والخيل ما أحب وخرج من يومه من باب الإسطبل في مماليكه وعدتهم سبعمائة مملوك ومعه من الأمراء: الأمير عز الدين أيدمر الخطيري الأستادار والأمير بكتوت الفتاح والأمير سيف الدين قجماس والأمير سيف الدين تاكز في بقية ألزامه من البرجية فكأنما نودي في الناس بأنه خرج هاربًا فآجتمع العوام وعندما برز من باب الإسطبل صاحوا به وتبعوه وهم يصيحون عليه بأنواع الكلام وزادوا في الصياح حتى خرجوا عن الحد ورماه بعضهم بالحجارة. فشق ذلك على مماليكه وهموا بالرجوع إليهم ووضع السيف فيهم فمنعهم الملك المظفر من ذلك وأمر بنثر المال عليهم ليشتغلوا بجمعه عنه فأخرج كل من المماليك حفنة من الذهب ونثرها فلم يلتفت العامة لذلك وتركوه وأخذوا في العدو خلفه وهم يسبون ويصيحون فشهر المماليك حينئذ سيوفهم ورجعوا إلى العوام فآنهزموا منهم. وأصبح الحراس بقلعة الجبل في يوم الأربعاء سابع عشر شهر رمضان يصيحون باسم الملك الناصر وأسقط آسم الملك المظفر بإشارة الأمير سلار بذلك فإنه أقام بالقلعة ومهد أمورها بعد خروج المظفر إلى إطفيح. وفي يوم الجمعة تاسع عشره خطب على منابر القاهرة ومصر بآسم الملك الناصر والمسقط آسم الملك المظفر بيبرس هذا وزال ملكه. وأما الملك المظفر فإنه لما فارق القلعة أقام بإطفيح يومين ثم آتفق رأيه ورأي أيدمر الخطيري وبكتوت الفتاح إلى المسير إلى برقة وقيل بل إلى أسوان فأصبح حاله كقول القائل: موكل ببقاع الأرض يذرعها من خفة الروع لا من خفة الطرب ولما بلغ مماليك الملك المظفر هذا الرأي عزموا على مفارقته. فلما رحل من إطفيح رجع المماليك عنه شيئًا بعد شيء إلى القاهرة فما وصل المظفر إلى إخميم حتى فارقه أكثر من كان معه فعند ذلك آنثنى عزمه عن التوجه إلى برقة وتركه الخطيري والفتاح وعادا نحو القاهرة. وبينما هو سائر قدم عليه الأميران: بيبرس الدوادار وبهادر آص من عند الملك الناصر ليتوجه إلى بيبرس الدوادار فأخذ بيبرس المال وسار به في النيل إلى الملك الناصر وهو بقلعة الجبل وقدم بهادر آص في البر بالملك المظفر ومعه كاتبه كريم الدين أكرم وسأل المظفر في يمين السلطان مع من يثق به فحلف له الملك الناصر بحضرة الأمراء وبعث إليه بذلك مع أيتمش المحمدي فلما قدم عليه أيتمش بالغ المظفر في إكرامه وكتب الجواب بالطاعة وأنه يتوجه إلى ناحية السويس وأن كريم الدين يحضر بالخزانة والحواصل التي أخذها فلم يعجب السلطان ذلك وعزم على إخراج تجريدة إلى غزة ليردوه وأطلع على ذلك بكتمر الجوكندار النائب وقرا سنقر نائب دمشق والحاج بهادر وأسندمر نائب طرابلس. فلما كان يوم الخميس الذي قبض فيه الملك الناصر على الأمراء - على ما سيأتي ذكره مفصلًا في أول ترجمة الملك الناصر الثالثة إن شاء الله تعالى - جلس بعض المماليك الأشرفية خارج القلعة فلما خرج الأمراء من الخدمة قال: " وأي ذنب لهؤلاء الأمراء الذين قبض عليهم! وهذا الذي قتل أستاذنا الملك الأشرف ودمه الآن على سيفه قد صار اليوم حاكم المملكة " يعني عن قرا سنقر فقيل هذا لقرا سنقر فخاف على نفسه وأخذ في عمل الخلاص من مصر فآلتزم للسلطان أنه بتوجه ويحصل الملك المظفر بيبرس هو والحاج بهادر نائب طرابلس من غير إخراج تجريدة فإن في بعث الأمراء لذلك شناعة فمشى ذلك على السلطان ورسم بسفرهما فخرج قراسنقر ومعه سائر النواب إلى ممالكهم وعوق السلطان عنده أسندمر كرجي وقد استقر به في نيابة حماة وسار البقية. ثم جهز السلطان أسندمر كرجي لإحضار المظفر مقيدًا. وآتفق دخول قرا سنقر والأمراء إلى غزة قبل وصول المظفر إليها فلما بلغهم قربه ركب قرا سنقر وسائر النواب والأمراء ولقوه شرقي غزة وقد بقي معه عدة من مماليكه وقد تأهبوا للحرب فلبس الأمراء السلاح ليقاتلوهم فأنكر المظفر على مماليكه للقتال وقال: " أنا كنت ملكًا وحولي أضعافك ولي عصبة كبيرة من الأمراء وما اخترت سفك الدماء! " وما زال بهم حتى كفوا عن القتال وساق هو بنفسه حتى بقي مع الأمراء وسلم نفسه إليهم فسلموا عليه وساروا به إلى معسكرهم وأنزلوه بخيمة وأخذوا سلاح مماليكه ووكلوا بهم من يحفظهم وأصبحوا من الغد عائدين بهم معهم إلى مصر فأدركهم أسندمر كرجي بالخطارة فأنزل في الحال المظفر عن فرسه وقيده بقيد أحضره معه فبكى وتحدرت دموعه على شيبته فشق ذلك على قراسنقر وألقى الكلفتاة عن رأسه إلى الأرض وقال: " لعن الله الدنيا فيا ليتنا متنا ولا رأينا هذا اليوم! فترجلت الأمراء وأخذوا كلفتاته ووضعوها على رأسه. هذا مع أن قرا سنقر كان أكبر الأسباب في زوال دولة المظفر المذكور! وهو الذي جسر الملك الناصر حتى كان من أمره ما ثم عاد قرا سنقر والحاج بهادر إلى محل كفالتهما وأخذ بهادر يلوم قرا سنقر كيف خالف رأيه فإنه كان أشار على قرا سنقر في الليل بعد القبض على المظفر بأن يخفي عن المظفر حتى يصل إلى صيهون ويتوجه كل منهما إلى محل ولايته ويخيفا الملك الناصر بأنه متى تغير عما كان وافق الأمراء عليه بدمشق قاموا بنصرة المظفر وإعادته إلى الملك فلم يوافق قرا سنقر وظن أن الملك الناصر لا يستحيل عليه ولا على المظفر فلما رأى ما حل بالمظفر نم على مخالفة بهادر. وبينما هما في ذلك بعث أسندمر كرجي إلى قراسنقر مرسوم السلطان بأن يحضر صحبة المظفر إلى القلعة - وكان عزم الناصر أن يقبض عليه - ففطن قرا سنقر بذلك وآمتنع من التوجه إلى مصر وآعتذر بأن العشير قد تجمعوا ويخاف على دمشق منهم وجد في السير وعرف أنه ترك الرأي في مخالفة بهادر. وقدم أسندمر بالمظفر إلى القلعة في ليلة الأربعاء الرابع عشر من ذي القعدة فلما مثل المظفر بين يدي السلطان قبل الأرض فأجلسه وعنفه بما فعل به وذكره بما كان منه إليه وعدد ذنوبه وقال له: " تذكر وقد صحت علي يوم كذا بسبب فلان! ورددت شفاعتي في حق فلان! وآستدعيت بنفقة في يوم كذا من الخزانة فمنعتها! وطلبت في وقت حلوى بلوز وسكر فمنعتني ويلك! وزدت في أمري حتى منعتني شهوة نفسي " والمظفر ساكت. فلما فرغ كلام السلطان قال له المظفر: " يا مولانا السلطان! كل ما قلت فعلته ولم يبق إلا مراحم السلطان وإيش يقول المملوك لأستاذه " فقال له: " يا ركن! أنا اليوم أستاذك! وأمس تقول لما طلبت إوزًا مشويًا: إيش يعمل بالإوز! الأكل هو عشرون مرة في النهار! " ثم أمر به إلى مكان وكان ليلة الخميس فاستدعى المظفر بوضوء وقد صلى العشاء. ثم جاء السلطان الملك الناصر فخنق المظفر بين يديه بوتر حتى كاد يتلف ثم سيبه حتى أفاق وعنفه وزاد في شتمه ثم خنقه ثانيًا حتى مات وأنزل على جنوية إلى الإسطبل السلطاني فغسل ودفن خلف قلعة الجبل وذلك في ليلة الجمعة خامس عشر ذي القعدة سنة تسع وسبعمائة. وكانت أيام المظفر هذا في سلطنة مصر عشرة أشهر وأربعة وعشرين يومًا لم يتهن فيها من الفتن والحركة. وكان لما خرج المظفر من مصر هاربًا قبل دخول الملك الناصر - قال بعض الأدباء: تثنى عطف مصر حين وافى قدوم الناصر الملك الخبير فذل الجشنكير بلا لقاء وأمسى وهو ذو جأش نكير إذا لم تعضد الأقدار شخصًا فأول ما يراع من النصير وقال النويري في تاريخه: ولما وصلوا بالمظفر بيبرس إلى السلطان الناصر أوقفه بين يديه وأمر بدخوله الحمام وخنق في بقية من يومه ودفن بالقرافة وعفى أثر قبره مدة ثم أمر بآنتقاله إلى تربته بالخانقاه التي أنشأها فنقل إليها. وكان بيبرس هذا آبتدأ بعمارة الخانقاه والتربة داخل باب النصر موضع دار الوزارة في سنة ست وسبعمائة وأوقف عليها أوقافًا جليلة ولكنه مات قبل تمامها فأغلقها الملك الناصر مدة ثم فتحها. انتهى كلام النويري. وكان الملك المظفر ملكًا ثابتًا كثير السكون والوقار جميل الصفات ندب إلى المهمات مرارًا عديدة وتكلم في أمر الدولة مدة سنين وحسنت سيرته وكان يرجع إلى دين وخير ومعروف. تولى السلطنة على كره منه وله أوقاف على وجوه البر والصدقة وعمر ما هدم من الجامع الحاكمي داخل باب النصر بعد ما شعثته الزلازل. وكان من أعيان الأمراء في الدولة المنصورية قلاوون أستاذه ثم في الدولة الأشرفية خليل والدولة الناصرية محمد بن قلاوون. وكان أبيض اللون أشقر مستدير اللحية وهو جاركسي الجنس على ما قيل ولم يتسلطن أحد من الجراكسة قبله ولا بعده إلى الملك الظاهر برقوق وقيل إنه كان تركيًا والأقوى عندي أنه كان جاركسيًا لأنه كان بينه وبين آقوش الأفرم نائب الشام مودة ومحبة زائدة وقيل قرابة وكان الأفرم جاركسي الجنس. انتهى.
|